top of page
  • Instagram

حقوق المرأة بين نظامٍ ممنهج وموروثٍ عميق

  • Writer: ملهم (وليد سملالي)
    ملهم (وليد سملالي)
  • 2 days ago
  • 2 min read

بقلم ملهم – وليد سملالي


women's rights

راقب النقاشات التي تدور كلما طُرح موضوع المرأة، أو ارتكب أحدهم خطأً بسيطًا، فسرعان ما يُشبَّه بالنساء. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالسخرية من المرأة أصبحت جزءًا من الحياة اليومية، تسكن النكات والأحاديث والمواقف، حتى تحولت إلى ثقافة راسخة وفكرٍ تقليدي يصعب اقتلاعه.

هذه النظرة الدونية المتجذرة في الوعي الجمعي ليست وليدة اليوم، بل هي إرث تناقلته الأجيال منذ قرون، تغذيه الخطابات الشعبوية والموروثات الاجتماعية والثقافية، بل وحتى بعض القوانين ووسائل الإعلام. وما زال هذا الفكر قائمًا، يتغذى من الجهل وضعف الوعي.

ليست قضية المرأة مجرد جدلٍ اجتماعي، بل معضلة متشابكة. الأسوأ أن هذا التمييز لم يعد مقتصرًا على الرجال؛ فالنساء أنفسهن أصبحن أحيانًا جزءًا من هذه المنظومة، يكررن أحكامها ويبررنها، حتى باتت المرأة عدوة المرأة. وهنا تكمن خطورة الموروث الممنهج.


أول خطوة نحو التغيير هي أن تتحرر المرأة من الصورة التي رُسمت لها عن ذاتها، أن تدرك أنها إنسان كامل، وأن مكانتها لا تقل أهمية عن مكانة الرجل. يجب أن تعي أنها ضحية نظامٍ متكامل سجنها في قوقعة، ثم لامها على قصر رؤيتها وقدراتها. ما تستحقه حقًا هو المشاركة، لا التبعية، والتمتع بتكافؤ الفرص لا انتظار المنح.


كذبوا حين قالوا إن مصيرك، أيتها المرأة، هو الأمومة وحدها.«امرأة؟ من الطبيعي أن تكوني زوجة وأمًا»، يقولونها وكأنها قدر لا يُختار.لكن الحياة لا تدور حول الرعاية فقط، وإن اخترتِ هذا الطريق فليكن عن حبٍّ لا عن إلزامٍ اجتماعي. النسوية ليست صراعًا مع الرجل، بل حرية في أن تختاري وتقرري بنفسك.


من يقف ضد حقوق النساء، يفعل ذلك عن جهلٍ بهن.الرجل الذي يبرر تهميش المرأة بحجة “حماية المجتمع”، يتجاهل أن هذا المجتمع لا يمكن أن يتطور إلا بمشاركتها. التمييز القانوني والاجتماعي والاقتصادي ضد النساء لا يعني سوى إبطاء عجلة التنمية، وتأجيل نهوض المجتمعات.


وراء هذه المعارضات خطابٌ ذكوريٌّ متجذر، يصور حقوق المرأة كتهديدٍ لهيمنة الرجل. في حين أن ما تطالب به النساء ليس سوى حقٍ أساسي في أن يُنظر إليهن كبشرٍ كاملين في الحقوق والقدرات، لا كمُلحقٍ بنوعٍ اجتماعيٍ مفروض.


لقد وصلت الهيمنة إلى حدٍّ خطير: وصاية، عنف، تحرش، بل وجرائم قتل باسم “الشرف”.جرائم تُرتكب بدمٍ بارد ضد نساءٍ جُرّدْن من إنسانيتهن تحت شعارات زائفة تحمي المجرم وتدين الضحية.


ما تطالب به النساء في جوهره بسيط: أن يتوقف العالم عن تقييد حريتهن، وأن يُدمجن في المجتمع باعتبارهن فاعلات لا توابع.التغيير يبدأ من التعليم. علينا أن نعيد النظر في المناهج التي تزرع منذ الطفولة صورةً دونية للمرأة في وعي الأجيال، وتنتج شبابًا يراها خادمة ونساءً يرين في ذلك قدرًا مقدسًا.


نشر الوعي هو سلاحنا الأقوى. به وحده يمكننا مواجهة الفكر الذكوري المتجسد في الإعلام والمجتمع، وكسر هذه الفاجعة الفكرية والاجتماعية التي أرهقتنا جميعًا.


ملهم (وليد سملالي)– كاتب، روائي، وشاعر مغربي شاب، يؤمن أن الكلمة الحرة قادرة على زلزلة المفاهيم الجامدة وإعادة بناء الوعي.

الآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب فقط ولا تمثل آراء نيسابا ميديا.


Comments


bottom of page