التعليم تحت الحصار: كيف يزرع الحوثيون التمييز في عقول الأجيال
- سلسبيل أحمد

- 2 days ago
- 2 min read
بقلم سلسبيل أحمد

الفساد التعليمي والتمييز الطائفي
بينما يسعى اليمنيون لنفض غبار التخلف والرجعية، تواصل ميليشيا الحوثي جهودها لغرس الطائفية في أذهان الأطفال بدل الكفاءة، لتصبح العملية التعليمية تحت سيطرتهم بداية لكارثة فكرية واجتماعية. فالمعرفة الصامتة تجاه هذا الفساد لا تقل خطورة عن الفساد ذاته.
في 7 ديسمبر 2024، انفجرت قنبلة يدوية داخل فصل دراسي في مدرسة الهان بن مالك بمديرية رضوان، وكان الغريب أن القنبلة بحوزة طالب في الصف الخامس، أخذها من والده العامل ضمن صفوف الحوثيين. هذه الحادثة ليست عرضية، بل تعكس اختراق ثقافة العنف للبيئة التعليمية وتحويل المدارس إلى ساحات صراع صامتة.
التلاعب بالمناهج وطمس الهوية
لم يكن هدف الميليشيا مجرد تكوين منهج خاص بها، بل طمس الهوية اليمنية لصالح هوية طائفية وسياسية. هذا التلاعب يجعل الطالب يجهل تاريخه، ويصبح جزءًا من آلة لإعادة إنتاج الصراع الفكري. بدلاً من تعلم قيم التعايش والحرية والعدالة، يجد الطلاب أنفسهم محاصرين بخطاب يغرس الكراهية والانقسامات.
امتدت هذه الممارسات لتشمل تعديل المناهج الدراسية بغرض غرس مفاهيم طائفية وشعارات سياسية، وتحويل الدروس الدينية والأدبية إلى أداة لتقديس الجماعة وتاريخها. كما أُجبر الطلاب على حضور فعاليات مرتبطة بـ"المسيرة القرآنية"، غالبًا تحت تهديد العقوبات أو الفصل.
أثر التمييز التعليمي على المجتمع
التمييز التعليمي لا يهدد حاضر اليمن فحسب، بل يزرع بذور الانقسام في مستقبل الأجيال. لقد تَربّى الطلاب على مفاهيم خاطئة ترى أن الولاء للجماعة أهم من الولاء للوطن، مما يجعلهم قابلين لإعادة إنتاج الصراعات والانقسامات لاحقًا. وما يزيد الطين بلة هو الصمت المجتمعي، الذي يسمح للفساد بالانتشار، ويحوّل التعليم إلى أداة لغسل الأدمغة وإعادة إنتاج الصراعات الطائفية والسياسية.
بناء مستقبل على الطائفية والفساد
ما تفعله الميليشيا ليس تغييرات سطحية، بل محاولة لبناء مستقبل قائم على الطائفية والفساد والعبودية الفكرية. إنقاذ التعليم وحماية مستقبل اليمن يتطلب وعي المجتمع، وضغط حقوقي، وتوثيق مستمر لكل حادثة، مع تجاوزها بالحقائق ونهضة الشعب ووعيه.
هل تغيير المناهج والسعي لتضليل الأطفال شيء جديد؟
ليس هناك جديد في أفعالهم؛ فقد بدأ الأمر منذ حكم الإمام أحمد حميد الدين (1948–1962)، الذي كان التعليم محدودًا عمدًا لضمان بقاء الشعب خاضعًا. كانت المدارس تركز على العلوم الدينية التقليدية بينما حُرمت العلوم الحديثة، وكان عدد المدارس النظامية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الميليشيا الحوثية وإعادة إنتاج نفس الأسلوب
الحوثيون لم يمنعوا التعليم كليًا مثل الإمام أحمد، لكنهم استخدموا وسائل أكثر دهاءً لإعادة العبودية الفكرية. فقد غيّروا المناهج لتضم محتوى طائفيًا يركز على "الولاية"، ويمجّد رموز الجماعة، وحذفوا أجزاء من التاريخ والجغرافيا والفكر الوطني. كما تم تجنيد الطلاب عبر المدارس لإلقاء محاضرات سياسية وعسكرية، وإقصاء المعلمين الأكفاء، وقطع الرواتب، مما أدى إلى تدهور التعليم وتحويله إلى وسيلة للابتزاز والتعبئة لا للعلم.
النتيجة
الإمام أحمد منع التعليم للحفاظ على سلطته عبر الجهل، والحوثيون يكررون النهج بأساليب جديدة: إعادة تشكيل التعليم ليصبح أداة طائفية تقيّد وعي الأجيال وتعيد إنتاج العبودية الفكرية. وأكثر ما يفاقم الوضع هو غياب الوعي النقدي لدى جزء كبير من المجتمع، نتيجة حرمان طويل من التعليم المدني والوطني، ما جعل الناس أكثر عرضة لتصديق الدعاية الحوثية المبنية على فكرة "الولاية".
ضرورة حماية التعليم اليمني
التعليم اليمني يحتاج اليوم إلى حماية فعلية، لأن كل يوم يمر في هذه البيئة التعليمية الملوثة يعيد إنتاج الصراعات ويزيد عمق الانقسام بين الأجيال. ترك هذه السياسات دون مواجهة فكرية وحقوقية يعني تسليم مستقبل اليمن لجهل منظم وكارثة أكبر.
سلسبيل أحمد – كاتبة شابة من اليمن، مهتمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية والتأملات الفكرية.
الآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكاتب فقط ولا تمثل آراء نيسابا ميديا.





Comments