top of page
  • Instagram

هل سيستضيف المغرب قادة حماس بعد ضربة الدوحة؟

  • Writer: نيسابا ميديا
    نيسابا ميديا
  • Sep 14
  • 3 min read
العثماني مستقبلا وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية في الرباط (17/6/2021/الأناضول)
العثماني مستقبلا وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية في الرباط (17/6/2021/الأناضول)

نيسابا ميديا (الرباط، المغرب)


منذ اندلاع أحدث جولة من التصعيد في المنطقة، عاد اسم المغرب إلى واجهة النقاش السياسي والإعلامي. فالمملكة، التي طالما اعتبرت نفسها فاعلاً متوازناً في قضايا الشرق الأوسط، تواجه اليوم سؤالاً شائكاً: هل يمكن أن تفتح أبوابها أمام قادة حركة حماس بعد الهجمات الأخيرة وما ترتب عنها من توترات إقليمية ودولية؟


دور المغرب التقليدي في القضية الفلسطينية


لطالما ارتبط المغرب تاريخياً بالقضية الفلسطينية عبر أبعاد دينية وسياسية، إذ يرأس الملك محمد السادس لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي. هذا الدور منحه مكانة خاصة في أعين الفلسطينيين، لكنه في الوقت ذاته يضع على عاتق الرباط مسؤولية كبرى في التوازن بين الدعم المعنوي للقضية والالتزام بخطاب الاعتدال والدبلوماسية.


خلال العقود الماضية، احتضن المغرب لقاءات سرية وعلنية بين أطراف فلسطينية وإسرائيلية، بل وأصبح في أحيان كثيرة منصة لتبادل الرسائل غير المباشرة. ومع توقيع اتفاقيات التطبيع في 2020، اكتسبت السياسة الخارجية المغربية تعقيداً إضافياً، حيث وُجدت الرباط أمام معادلة دقيقة: تعزيز العلاقات مع إسرائيل مقابل الحفاظ على موقعها كمدافع عن حقوق الفلسطينيين.


بين الرمزية السياسية والحسابات الواقعية


استضافة قادة حماس في المغرب ليست مجرد خطوة بروتوكولية؛ بل تحمل دلالات عميقة على مستوى الإقليم. فمن جهة، قد ينظر إليها كإشارة تضامن قوية مع المقاومة الفلسطينية ورسالة إلى الشعوب العربية بأن الرباط لم تتخل عن التزاماتها التاريخية. ومن جهة أخرى، فإن هذه الخطوة قد تضع المغرب في مرمى انتقادات دولية، خاصة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يصنفان الحركة كتنظيم “إرهابي”.


كما أن إسرائيل، الشريك الجديد للمغرب في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد، ستعتبر الأمر تحدياً مباشراً، ما قد يعكّر صفو العلاقات الناشئة ويؤثر في مشاريع استراتيجية تعوّل عليها الرباط لتعزيز مكانتها الدولية.


الموقف الإقليمي والدولي


في المنطقة العربية، يظل الموقف من حماس منقسماً. بعض الدول، مثل قطر وتركيا، وفرت ملاذاً آمناً لقيادات الحركة، معتبرة ذلك جزءاً من دعمها السياسي للقضية الفلسطينية. في المقابل، تتبنى دول أخرى مواقف أكثر تحفظاً، معتبرة أن استضافة قادة حماس يعرّضها لضغوط خارجية ويُدخلها في حسابات صراعية ليست في مصلحتها.


المغرب، المعروف بسياسة “النأي بالنفس” عن الاستقطابات الحادة، قد لا يرغب في الانزلاق إلى خانة دعم طرف على حساب آخر. لكنه يدرك أيضاً أن الرأي العام المحلي، المتعاطف بشكل واسع مع الفلسطينيين، يضغط في اتجاه اتخاذ مواقف أكثر صلابة. هذا التناقض يجعل من أي قرار بشأن استضافة قادة حماس قضية داخلية بقدر ما هي خارجية.


حسابات الداخل والخارج


سياسياً، تدرك القيادة المغربية أن أي خطوة تتعلق بحماس يجب أن تمر عبر حسابات دقيقة تشمل الأمن القومي، العلاقات الدولية، والمصالح الاقتصادية. داخلياً، قد تكسب الرباط نقاطاً على صعيد الشعبية إذا ما استضافت وفداً من الحركة، لكنها تخاطر بزيادة التعقيدات في علاقاتها مع الشركاء الغربيين.


أما على الصعيد الخارجي، فإن المغرب يسعى منذ سنوات إلى تثبيت صورته كوسيط نزيه في النزاعات الإقليمية. وبالتالي، فإن استضافة وفد حماس قد تُقدَّم كجزء من “دبلوماسية الوساطة”، وليس كتحالف سياسي مباشر. مثل هذا التبرير قد يخفف الضغوط، لكنه لن يلغيها بالكامل.


التطبيع ومعادلة التوازن الصعبة


منذ إعلان اتفاقيات أبراهام عام 2020، دخل المغرب مرحلة جديدة في سياسته الخارجية. فقد كسب اعترافاً أمريكياً بمغربية الصحراء مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو إنجاز دبلوماسي لا يستهان به بالنسبة للرباط. لكن هذا التطبيع لم يمر داخلياً دون اعتراضات، حيث نظمت قوى سياسية ونقابية تظاهرات رافضة اعتبرت أن القضية الفلسطينية تتعرض للمساومة.


في هذا السياق، تبدو استضافة قادة حماس كاختبار حقيقي لقدرة المغرب على المناورة بين التزاماته الجديدة مع تل أبيب وحاجته للحفاظ على صورته التقليدية كمدافع عن حقوق الفلسطينيين. الرباط تحاول أن تقدم نفسها كفاعل براغماتي يوازن بين مصالحه الاستراتيجية ودوره التاريخي. فهي من جهة تستثمر في علاقاتها مع إسرائيل لضمان مكاسب اقتصادية وأمنية، ومن جهة أخرى تحافظ على خطاب داعم للقضية الفلسطينية لامتصاص الغضب الشعبي وحماية رصيدها الإقليمي.


هذا التوازن الدقيق قد يجعل أي خطوة علنية تجاه حماس محفوفة بالمخاطر، لكنه قد يفتح أيضاً المجال أمام المغرب لتعزيز موقعه كوسيط قادر على التحدث مع جميع الأطراف. وإذا ما تم تقديم استضافة قادة الحركة في هذا الإطار، فقد يجد المغرب مساحة لتبرير قراراته أمام المجتمع الدولي.


الخلاصة: بين الفوائد والمخاطر


يبقى السؤال مفتوحاً: هل سيستضيف المغرب قادة حماس فعلاً؟ لا توجد مؤشرات واضحة حتى الآن، لكن التجربة السابقة للمملكة في إدارة ملفات حساسة تُظهر أنها تميل إلى التريث واعتماد “الدبلوماسية الهادئة”. قد يفضّل المغرب لعب دور الوسيط من خلف الكواليس، بدل الانخراط في خطوات علنية قد تجر عليه انتقادات واسعة.


في نهاية المطاف، ما يحدد القرار المغربي هو مزيج من الضغوط الدولية، المواقف الإقليمية، والرأي العام الداخلي. وبينما قد يرى البعض في الاستضافة خطوة جريئة تُعيد للمغرب مكانته في وجدان الشعوب العربية، يرى آخرون أنها مجازفة قد تُضعف موقع الرباط في معادلات أكبر.

Comments


bottom of page