التحول الاستراتيجي لألمانيا: إعادة تقييم صادرات الأسلحة إلى إسرائيل وسط أزمة غزة
- نيسابا ميديا
- Sep 9
- 3 min read

نيسابا ميديا (برلين، المانيا)
لطالما كانت العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل محورية في السياسة الخارجية الألمانية، متأثرةً بالمسؤولية التاريخية الناتجة عن المحرقة. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في غزة دفعت الحكومة الألمانية إلى إعادة تقييم هذه العلاقة. في آب 2025، أعلنت المستشارة فريدريكا ميرتس عن تعليق جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل التي يمكن استخدامها في غزة، في خطوة غير مسبوقة تعكس تحولًا كبيرًا في السياسة الألمانية.
التحول في السياسة
جاء قرار الحكومة الألمانية بتعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل ردًا على خطة إسرائيلية لتوسيع عملياتها العسكرية في مدينة غزة. حيث وافق مجلس الأمن الإسرائيلي على خطة للسيطرة على المدينة، مما أثار قلقًا دولياً واسعاً. وأكدت المستشارة ميرتس أن هذا القرار جاء بسبب "عدم وضوح أهداف إسرائيل" و"القلق العميق من الأزمة الإنسانية المستمرة" في غزة، مشيرةً إلى أن ألمانيا لا يمكنها دعم نزاع يُدار بالوسائل العسكرية فقط، بل تسعى للتفاعل دبلوماسياً بدلاً من ذلك.
شهدت ألمانيا تحولاً في الرأي العام، حيث أظهرت استطلاعات الرأي دعماً واسعاً لتعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وأشار استطلاع أجرته شبكة ZDF إلى أن 83% من الألمان يؤيدون تعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل التي يمكن استخدامها في غزة. كما أظهر استطلاع آخر أن 65% من الألمان يدعمون القرار، معارضةً من 19% فقط. هذه الأرقام تعكس تحولًا كبيرًا في الرأي العام، متأثرًا بصور معاناة المدنيين والدعوات للمسائلة.
عبر السياسيون من مختلف الأطياف عن مخاوفهم. حيث دعا أعضاء من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والحزب اليساري إلى تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وإنهاء صادرات الأسلحة. حتى داخل الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، كانت هناك انتقادات لأفعال إسرائيل، مع اعتراف بعض الأعضاء بأن المسؤولية التاريخية لألمانيا لا تعفيها من محاسبة إسرائيل على سلوكها في غزة.
السياق الدولي
و قد جاء قرار ألمانيا في سياق دولي يشهد زيادة في التدقيق في أفعال إسرائيل في غزة. حيث انقسم الاتحاد الأوروبي حول كيفية الرد، حيث دعت بعض الدول الأعضاء إلى فرض عقوبات وأعربت أخرى، بما في ذلك ألمانيا، عن ترددها. في أغسطس 2025، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن ولكنهم فشلوا في التوصل إلى إجماع بشأن اتخاذ تدابير للضغط على إسرائيل، مما يعكس التحديات في تحقيق عمل موحد داخل الكتلة.
كما أدانت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عمليات إسرائيل العسكرية في غزة، مع تقارير تشير إلى مقتل أكثر من 63,000 فلسطيني وتدمير واسع النطاق. وقد كثفت هذه التقارير الدعوات للمسائلة وإعادة تقييم الدعم الدولي لإسرائيل.
الاعتبارات القانونية والأخلاقية
أثار الخبراء القانونيون مخاوف بشأن دور ألمانيا في تزويد إسرائيل بالأسلحة، خاصة في ضوء الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي. حيث جادل تقرير صادر عن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR) بأن صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل قد تشكل تواطؤًا في جرائم الحرب والإبادة الجماعية. كما أن محكمة العدل الدولية بصدد مراجعة قضية رفعتها جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
لا تعفي المسؤولية التاريخية لألمانيا تجاه إسرائيل من التزاماتها بموجب القانون الدولي. كعضو في المجتمع الدولي، تتحمل ألمانيا مسؤولية ضمان أن أفعالها لا تساهم في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
يمثل قرار ألمانيا بتعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل لاستخدامها في غزة تحولًا كبيرًا في سياستها الخارجية، متأثرا ً
بتغير الرأي العام، والضغط السياسي، والتطورات الدولية. بينما يعكس هذا التحول اعترافًا متزايدًا بضرورة محاسبة إسرائيل على أفعالها، فإنه يبرز أيضًا تعقيدات التوازن بين المسؤوليات التاريخية والاعتبارات الأخلاقية المعاصرة. مع استمرار تطور الوضع في غزة، ستظل دور ألمانيا في تشكيل سياسة الاتحاد الأوروبي وعلاقتها بإسرائيل موضوعًا للتمحيص والنقاش المكثف.
ملاحظة: المعلومات الواردة في هذه المقالة تستند إلى البيانات المتاحة حتى أيلول 2025. للحصول على أحدث التطورات، يُرجى الرجوع إلى التقارير والبيانات الرسمية الأخيرة.




Comments