غزة عاجزة عن التبرع بالدم بسبب المجاعة
- نيسابا ميديا
- Sep 3
- 2 min read

لعقود، كان التبرع بالدم رمزاً لتضامن الفلسطينيين في القطاع الساحلي الممزق بالحروب، خصوصاً خلال النزاعات، حيث تصطف آلاف الأفراد أمام المستشفيات لمساعدة الجرحى رغم القصف.
الآن، بعد ما يقرب من عامين من الحرب الإسرائيلية، أدت المجاعة وسوء التغذية إلى فقدان السكان قوتهم، ولم يعد الكثيرون قادرين على التبرع حتى بقطرة دم واحدة.
صرح مسؤولون طبيون أن هذا الانهيار في التبرعات يزيد من تفاقم الأزمة الصحية، التي سببتها القصف المستمر والحصار الإسرائيلي الذي يحد من دخول الغذاء والمستلزمات الطبية.
تُظهر الإحصاءات أن المجاعة وسوء التغذية أودت بحياة 361 شخصاً، بينهم 130 طفلاً، مما حول الجوع إلى سلاح حرب فعال.
في مستشفى الشفاء، جلس الشاب محمد أبو زيد البالغ 25 عاماً متردداً أمام قاعة التبرع بالدم، وقال: "كنت أتبرع في كل حرب، لكن الآن بالكاد أستطيع الوقوف من الجوع. لمدة يومين، لم أتناول سوى قطعة خبز ورشفة شاي." قصته ليست استثناءً، فالكثيرون أصبحوا ضعفاء جداً للتبرع، بينما المستشفيات تواجه طلباً متزايداً على وحدات الدم.
تصف الأطباء الوضع بأنه طارئ وغير مسبوق، مع نفاد مخزون الدم بسبب العمليات المستمرة وكثرة الإصابات. قال الدكتور أحمد سليم، العامل في بنك الدم: "المجاعة جعلت العديد من المتبرعين غير لائقين طبياً، بعضهم يغمى عليه فور محاولة التبرع. رؤية أشخاص راغبين بالمساعدة لكن الجوع يمنعهم أمر مؤلم."
حذرت وزارة الصحة من خطورة نقص الدم، وأوضح منير البرش أن معظم المتبرعين يتم رفضهم بسبب سوء التغذية، مما يهدد حياة المرضى في غرف العمليات. واعتبر محمد زقوت، رئيس المستشفيات الميدانية، الوضع كارثياً، قائلاً إن بعض المتبرعين يحتاجون إلى نقل دم بأنفسهم، والنظام الصحي في مرحلة حرجة، ويموت المرضى يومياً بسبب نقص الدم.
ترتبط الأزمة بالحصار الإسرائيلي المفروض منذ بداية الحرب، مع قيود على الغذاء والمساعدات الطبية وإغلاق المعابر بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة. وصف المسؤولون الفلسطينيون هذه الإجراءات بأنها "هندسة مجاعة" لكسر صمود السكان. وعلى الرغم من استئناف دخول المساعدات بعد أربعة أشهر، فإن الكميات لا تزال غير كافية.
وأفادت دائرة الإعلام الحكومي أن 534 شاحنة دخلت غزة خلال الأيام الخمسة الماضية، وهو جزء صغير من 3,000 متوقعة، وفي 35 يوماً وصلت 3,188 شاحنة فقط، أي 15% من الاحتياجات. واتهمت إسرائيل بالسماح بالنهب وقيود على 430 صنفاً غذائياً أساسياً للأطفال والمرضى والمجوعين، مما زاد الأزمة سوءاً.
تتضح آثار المجاعة في المستشفيات. في خان يونس، يرقد حسام قنا مصاباً بجروح حرجة بعد قصف إسرائيلي، ولا تستطيع عائلته تأمين الدم الكافي. قالت والدته: "بحثنا بين الأقارب، لكن معظمهم يعانون من فقر الدم. المتبرعون المتاحون ضعفاء جداً. الجوع يقتلنا مرتين، في بطوننا وفي عجزنا عن إنقاذ أحبائنا."
وتتكرر الحالات في مستشفى الأقصى، حيث رفض أقارب محمد أبو عمرة للتبرع بسبب سوء التغذية. قال: "ابني بحاجة إلى جراحة عاجلة، وبدون الدم الكافي قد نفقده. المتبرعون يصلون هزيلين ويرفضون، نحن عاجزون."
يحذر الأطباء من أن فقر الدم واسع الانتشار بين النساء والأطفال، مما يضعف جميع الدعوات للتبرع بالدم. مع اجتياح المجاعة المفروضة من إسرائيل، أصبح التضامن الذي كان يجمع آلاف المتبرعين في الحروب السابقة نفسه ضحية.




Comments